تقرير : إسقاط الجنسية أداة للاضطهاد الطائفي وتعدياً على منظومة القوانين
(بلجيكا – بروكسل 3/10/2014)
اسقاط الجنسية عن المواطنين المعارضين والمطالبين بالديمقراطية في البحرين هي سياسة جديدة تنتهجها السلطات البحرينية لترهيب الناشطين وتستخدمها كذلك وسيلة للضغط عليهم، وحرمانهم من ممارسة حقوقهم في التعبير عن رأيهم كشعب يطالب بحق تقرير مصيره المكفول في المواثيق والمعاهدات الدولية. وما الحكم الذي صدر على المواطنين في 29 سبتمبر 2014 هو على خلفية قضايا سياسية.
المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان تعبر عن بالغ قلقها من سياسة السلطات البحرينية المستمرة بإسقاط الجنسيات عن المواطنين المطالبين بالديمقراطية والمعارضين وكان آخرها حكم المحكمة بإسقاط الجنسية عن 9 من المواطنين وهم متهمين بتهريب أسلحة للبحرين إضافة إلى حكمهم بالسجن مدى الحياة. وهم: 1.عقيل عبد الرسول 2.حسين مهدي 3.محمد جواد صباح عبد المحسن 4.علي صباح عبد المحسن 5.عبد المحسن صباح عبد المحسن6.سيد علي شبر 7.حسين احمد 8.جاسم أحمد الجنبي 9.عقيل عبد الرسول محمد.
ويعتبر هذا الحكم انتهاك للاعلان العالمي لحقوق الانسان والمعتمد من الامم المتحدة فإذا ما أشرنا إلى المادة 15 من هذا العهد فإنها تتطرق انه:
- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
- لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
تعتبر المنظمة الأوروبية – البحرينية لحقوق الإنسان قرار إسقاط الجنسية عن عدد من المواطنين هو مخالف للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللشرعة الدولية، لأنه تم خلافاً للدستور والقانون المعمول به في البحرين والمادة 17 من دستور العام 1973، وكان قانون الجنسية للعام 63 معمولاً به وقتها، والذي يشير إلى انه لا يمكن إسقاط الجنسية عن من يتمتع بها بصفة أصلية، إلا في حالة الخيانة العظمى وازدواج الجنسية.
ولكن الدولة تقوم بسحب جنسيات العديد من المعارضين منذ عام 2013 وهذا يعتبر سلاحا جديدا يستخدم ضد من يعارض السلطات في البحرين.
وتشير المعلومات إلى أن أحكام إسقاط الجنسية اليوم ليست هي الأولى فقبل فترة بسيطة تم اسقاط الجنسية عن عدد 7 من المواطنين إضافة إلى حكمهم بالسجن لسنوات، كما تم سحب الجنسية من 31 مواطنا من ضمنهم نائبين سابقين في البرلمان البحريني ومحامي وعالم دين شيعي ويعتبر ذلك اضطهاداً طائفياً وتعدياً على منظومة القوانين.
القانون الدولي حول إسقاط الجنسية
كما ان موقف القانون الدولي يعتبر اسقاط الجنسية عن المواطنين خرقاً واضحاً لقواعد القانون الدولي وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان الأساسية، فالبحرين اعتمدت العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 2006، بحكم القانون رقم 56 للعام 2006، وهذا العهد يفصل التزامات الدولة بمواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
وتنص المادة الثانية من الاعلان العالمي على أن «لكل إنسان حق التمتع بالحقوق كافة والحريات الواردة في هذا الإعلان، من دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
ويفصل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحقوق المستوجبة لكل مواطن يعيش في دولة صادقت على هذا العهد (كما هو حال البحرين)، يؤسس العهد في ديباجته «أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحراراً، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتوجب المادة (2) من العهد الدولي على الدولة التي صادقت عليه بأن «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، من دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيّاً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب». كما تنص المادة (2) على أنه ((تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريّاً لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية)).
اما المادة الخامسة من العهد الدولي فهي واضحة اذ تنص على انه ((ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه)) و ((لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها في أضيق مدى)).
أحكام قاسية بحق مواطنين بحرينيين لمطالبتهم بالديمقراطية
تتابع المنظمة الأوروبية – البحرينية لحقوق الانسان محاكمة النشطاء وتراقب عن قرب وضع القضاء في البحرين حيث تستمر السلطات البحرينية من إستخدام القضاء للانتقام من اي نشاط معارض للحكم او مطالب بالديمقراطية فالأحكام التي صدرت مؤخراً بحق مواطنين بينهم نشطاء من مناطق سكنية مختلفة بعدة تهم انتزعت اعترافاتها تحت وطأت التعذيب في التحقيقات الجنائية.
وقد كانت آخرها السجن 15 سنه على مواطنين من سكنة البلاد القديم وثلاث سنوات لمواطنين من منطقة الماحوز وقرية النويدرات لمشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية وإتهامهم بالتخريب والحرق الجنائي واعمال شغب تثبت عدم إستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية وفقدان هذه المحاكمات إلى المعايير العالمية للمحاكمات العادلة, كما ان إستمرار هذه المحاكمات في البحرين يسهم في تقويض القانون ويجعل الانتصاف المستقل والنزيه في القضاء متعذر.
وقد افاد المعتقلين بتعرضهم للتعذيب في مبنى التحقيقات الجنائية لإنتزاع الاعترافات منهم وهو ما يعارض المادة الخامسة من العهد العالمي لحقوق الانسان والتي صادقت عليه البحرين بانه ((لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملة القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة)).
وفي المادة العاشرة ((لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلا علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه له)) ولكن المحاكمات في البحرين تفتقد لأقل المعايير الدولية فعدد من المعتقلين لم يسمح لهم بالحديث في جلسات المحكمة عن ما تعرضوا له من تعذيب.
تعتبر المنظمة الأوروبية – البحرينية لحقوق الإنسان أن القضاء في البحرين وإستخدامه كوسيلة للاستهداف يشكل خطرا على سلامة المواطنين وأمنهم خصوصا بعد وصول الأحكام الصادرة بحق بعض المتهمين إلى مدة تفوق 50 عاما” ومنهم المواطن رضا الغسرة التي تعدت احكامه المائة عام ولازال يحاكم في قضايا أخرى. القضاء ضد من يعارض السلطات في البحرين.
التوصيات
ختاما فإن المنظمة الأوروبية – البحرينية لحقوق الإنسان تدعوا إلى الآتي :
– محاسبة المسؤولين عن ممارسة التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة والإعلان بضرورة عدم التسماح مع مثل تلك الانتهاكات مهما علت رتبة القائم بهذا العمل ليسود الأمن والقانون.
– تدعو المقرر الاممي الخاص بالمحاكمات العادلة إلى زيارة البحرين للوقوف على أوضاع المحاكمات وظروف التقاضي وبالأخص في كيفية انتزاع الاعترافات وضمان حصول المتهمين على حقوقهم لا سيما الالتقاء بالمحامين.
– ضمان عدم قبول اي إفادة اخذت تحت وطأة التعذيب والإكراه كدليل على اي اجراء للمحاكمة او التحقيق.
– إحترام حرية الرأي والتعبير وعدم تقييد الحق في الإحتجاج السلمي.
– المنظمة الاوروبية البحرينية لحقوق الانسان تطالب الولايات المتحدة، وبريطانيا، والأمم المتحدة، للضغط على حكومة البحرين لإعادة الجنسية لكل المواطنين المسقطة جنسياتهم، والكف عن ممارسة سياسة إسقاط الجنسية عن المعارضين كعقاب لممارسة حقهم في التعبير عن رأيهم.
المنظمة البحرينية الاوربية لحقوق الانسان
المصدر: http://ebohr.org/ar/?p=3469